1- التعليم و مخ الطفل
هل تشعر بفضول لمعرفة الكيفية التي يتعلم بها تلامذتك أو أطفالك ؟ لست وحدك! إن كل من له صلة بالتربية و التعليم سواء الآباء و الأمهات أو الأساتذة أو المدراء و الحراس العامين وجميع الأطر التربوية، يحتاجون لمعرفة كيف يتعلم الطفل أو التلميذ، و كيف يتفاعل عقله الصغير مع محيطه الخارجي، حتى يتسنى لهم تسهيل الأساليب و توجيه السلوكيات إلى ما فيه صلاحه وتربيته و تطويره.
في هذا الموضوع سنتناول دراسة للمخ البشري بصفة عامة و مخ الطفل خاصة، في واقع الأمر هذا ما يحتاجه كل معلم أو مربي، وهو فهم مخ الطفل، مم يتكون و كيف يتفاعل، كيف يتعلم، ومتى يتعلم، ماذا يحدث على مستوى المخ أثناء عملية التعلم، ما أجزاء المخ، كيف نغذيه ...الخ، ومجموعة أسئلة سنحاول الإجابة عنها دون إطالة أو تقصير.
إن الإكتشافات الأخيرة في مجال علم الأعصاب والمجالات ذات الصلة، أثبتت أن تقنيات التعليم التي اعتمدت في الماضي لم تكن متوافقة مع العقل. لذلك سنستعرض معكم جديد هذه الإكتشافات و التي من شأنها تغيير طريقتك التعليمية كمدرس، دعنا إذن نعرض الجانب التشريحي للمخ وبعدها سوف نرى كيفية تفاعله أثناء عملية التعلم.
1-أجزاء المخ
يقسم علماء العقل البشري المخ إلى أربعة أجزاء تسمى بالفصوص وهذه الفصوص هي : الفص الجبهي ، الفص الصدغي ، الفص القفوي(ويسمى القذالي أو الخلفي) والفص الجداري (أوالداخلي).
ولكل فص من هذه الفصوص وظيفة أساسية يقوم بها داخل المخ،
فالفص الخلفي يقع خلف الرأس فوق المخيخ وهو المسؤول عن وظيفة البصر ويفسر
الألوان و الأضواء و الحركات، الفص الجبهي يقع في المنطقة المحيطة بمقدمة
الرأس وهو المسؤول عن التقييم والإبداع وحل المشاكل والتخطيط والكلام و الكتابة
وحركة الجسم، الفص الجداري يقع في
قمة مؤخرة الرأس ومهمته هي معالجة الوظائف الحسية ووظائف اللغة والإدراك الحسي و
البصري والمكاني، الفص الصدغي في الجانبين الأيمن والأيسر يقع أعلى وحول الأذن
وهو مسؤول بشكل أساسي عن السمع و الذاكرة و المعنى و الفهم وبالطبع هناك تداخل بين وظائف هذه الفصوص.
2- أين تحدث عملية التعلم؟
يبدأ التعلم على مستوى الخلايا المجهرية داخل المخ، حيث إن المخ يملك أنواعا مختلفة من الخلايا التي تشارك في عملية التعلم لكن الأكثر انخراطا في هذه المهمة هي الخلايا العصبية وهي خلايا توجد بالبلايين في الدماغ لكنها لاتتجدد و لاتتزايد، على سبيل المثال: الذبابة تملك مائة ألف خلية عصبية والفأر يملك خمسه ملايين خلية عصبية والقرد يملك عشرة بلايين خلية عصبية أما الإنسان فيملك تقريبا مائة بليون خلية عصبية، يحتوي المليمتر المكعب الواحد لنسيج العقل على ما يزيد على مليون خلية عصبية، هذه الخلايا يفقدها المخ بمقدار يتراوح ما بين عشرة آلاف إلى مائة ألف يوميا ومع ذلك فإن الإنسان يحمل من الخلايا العصبية ما يكفيه طوال حياته، حتى لو فقد نصف مليون خلية عصبية كل يوم. فإنه سوف يستغرق قرونا إلى أن يفقد عقله بالكامل.
3-كيف تحدث عملية التعلم داخل المخ؟
تحدث
عملية التعلم على مستوى المخ البشري بواسطة تفاعلات بين الخلايا والشبكات والمحاور
العصبية داخل المخ حيث يتم افراز مواد كيميائية منبهة و محفزة ومعالجتها على عدة
مستويات ما يعمل على تنشيط وزيادة قدرة الذاكرة والتي تعتبر أساس التعلم.
ينظر علماء الأعصاب إلى التعلم والذاكرة على أنهما يرتبطان
ارتباطا وثيقا فأنت عندما تتحدث عن أحدهما
لابد أن تستحضر الأخر. فالدليل الوحيد على تعلمك لشيء ما هو مدى رسوخه على مستوى الذاكرة.
وقد اكتشف العلماء نوعا من الجينات التي تحدد نشاط
وتكوين الذاكرة وهي ليست عند كل الناس ما
يفسر سر تفوق شخص على الآخر في قدرات الذاكرة فهذا يرجع في جزء منه إلى الجانب
الوراثي.
باختصار شديد تتم عمليه التعلم من خلال التفاعلات
والمحفزات و الإفرازات الكيميائية التي تحدث على مستوى الخلايا العصبية داخل المخ.
لكنها ترتبط أيضا بظروف أخرى خارجية وليس فقط داخلية، فالتعلم والسلوك يبقى دائما مرهونا بحالتنا النفسية
حيث المحيط الخارجي والمشاعر و الأسرة و البيئة ...الخ، كل هذا يؤثر في عملية
التعلم.
إن التعلم يحدث على عدة مستويات دفعة واحدة وفي آن واحد من المستوى الخلوي إلى المستوى السلوكي والعاطفي إلى المستوى البدني والجسماني.
4-التعليم و قدرات المخ
إن المخ وردي اللون يبلغ حجمه بصفة عامة حجم قبضة يديك
معا عند مواجهة عظامي مفاصل الأصابع لبعضها البعض وهو مؤلف أساسا من الماء ويبلغ
وزنه ما يقرب من ثلاثة أرطال كما انه فريد في طرازه، ضع في اعتبارك أيها المعلم وأيتها
المعلمة أن عقل كل تلميذ من تلامذتك هو عقل فريد تماما مثل بصمة يده، بل إن وزن كل
عقل وحجمه يختلف عن وزن وحجم أي عقل آخر فهو يشمل تجارب حياتية فريدة ومعاني
ومعتقدات ونماذج وبيانات.
إن إدراكك لهذا التنوع يفرض عليك تحديا خطيرا في التعليم ويلقي الضوء على قصور التعليم القائم على اعتقادات خاطئة خاصة المتمثلة في تصور التلميذ على شكل قالب ثابت، فهذا العقل الفريد يتطور وينمو من خلال مراحل معروفة تتفاوت بين أشخاص المستوى المتوسط بما يقرب من ثلاث سنوات، بمعنى أن هناك طفلا على سبيل المثال يمكن أن يتعلم القراءة في سن ثلاث سنوات بينما هناك طفل آخر لا يتعلمها حتى يصل سن ستة سنوات مع الأخذ بعين الاعتبار أن عقل كليهما ينمو بمعدل طبيعيي دون تفاوت.
انضم إلى مجموعتنا على الفيسبوك ليصلك كل جديد
