مدونة العبقري التعليمية مدونة العبقري التعليمية
recent

آخر الموضوعات

recent
recent
جاري التحميل ...

فن التعليم : المقالة (2) هل يولد الطفل بعقل فارغ ؟؟!!!


2- هل يولد الطفل بعقل فارغ؟

هل يولد الطفل بعقل فارغ ؟؟!!!



هل يكون العقل البشري صفحة بيضاء عند الولادة في انتظار ما سوف يكتب عليها؟  هذا ما زعم فيلسوف القرن الثامن جان لوك، لكن الحقيقة غير ذلك تماما بل إننا قد ولدنا فعلا وقدراتنا كامنة بداخلنا تنتظر من يخرجها.


 في هذا الموضوع سنحاول تفصيل الأمر من خلال جديد الدراسات التي أجريت على عقل الإنسان والتي من شأنها تسهيل مهمتك كأستاذة أو أستاذ  يتواصل مع العقول أكثر من أي شيء آخر.

 

1- هل يولد الطفل بعقل فارغ ؟


 

إن العلم الحديث والدراسات التي أجريت مؤخرا في العديد من الجامعات أثبتت أن الجزء الأكبر من قدرات التعلم قد برمج مسبقا وحدث بشكل فطري وطبيعي داخل المخ، بمعنى أننا قد ولدنا به وما يزيد الأمر إثارة وغرابة ودهشة أن مهارات التعلم الأساسية مثل الرياضيات واللغة والطبيعة موجودة مسبقا ومثبتة داخل العقل منذ الولادة.


 إن كلمة تعليم في الانجليزية  Education  هي كلمة مشتقة من الكلمة اللاتينية Educare والتي تعني استخراج، إذا فإن دور المعلم ليس ملئ عقل التلميذ بالمعلومات تماما كما تملأ صندوقا فارغا أو ما يسمى بعملية التلقين، بل بالعكس دوره الحقيقي هو استخراج القدرات الكامنة والموجودة مسبقا داخل عقل التلميذ ثم العمل على تغذيتها و تطويرها، إننا في واقع الأمر لا نملك القدرة على التدريس للمتعلم وإنما نملك فقط أن نوفر له البيئة و التقنيات و الأدوات المناسبة لاستخراج القدرات المبرمجة مسبقا بداخله.



2-قوة العقل البشري:

 

إن العقل أداة طيعة وهو يبقى كذلك طوال العمر فهو يمكن أن يتغذى وينمو حتى مع التقدم في العمر بل انه لا يوجد في الواقع أي سبب أو مبرر يحول دون التوقف عن تغذيته في أي سن حتى مع بلوغ الثمانين والتسعين يمكن أن يظل عقلك محتفظا بشبابه وسرعته إن حرصت على تدريبه وإثارته وتحفيزه  فكلما استخدمته تحسن مستواه وكفاءته عن طريق ممارسة عمليات القراءة و التحليل و التفكير و الحفظ باستمرار، و تناول عناصر غذائية مفيدة للدماغ.

هذا يعني أن الفصول الدراسية المثيرة للضجر و الملل ليس لها مجال هنا، بل إن البيئة النشطة و المثيرة و المحفزة لعقل التلميذ و حواسه هي التي يجب أن تحل محلها.


3- تغذية العقل:



هناك شروط محددة يحتاج إليها العقل لكي يحقق أقصى قدر من التعلم، فهو يحتاج إلى تناول قدر كاف من الماء والحصول على قسط وافر من الراحة كما أن العقل بشكل عام يحب الرياضة والماء المنعش والأكسجين، من بين العناصر الغذائية المهمة اللازمة للعقل نذكر البروتين الغني بالتيروسين والسيلينيوم هذه العناصر تتوفر في الأسماك والبيض ودقيق القمح والمكسرات البرازيلية وزيت بذور القطن، تجدر الإشارة كذلك إلى أن الإفراط في تناول الكربوهيدرات يؤثر سلبا على عملية التعلم لأنه يحفز مادة السيروتونين المثيرة للاسترخاء حيث أظهرت بعض الدراسات أن القدرة على التعلم تتراجع بنسبة كبيرة عندما يتناول التلميذ غذاء مفعم بالدهون المشبعة والسكر.


4- العقل و النوم / العقل و الهرمونات

 

كما أن العقل لا يملك القدرة على البقاء في حالة يقظة وانتباه مستمر، إن الأحداث على مدار اليوم على سبيل المثال تسبب تذبذبا طبيعيا في الكيمياء الغذائية والهرمونية للعقل، فنحن جميعا نشهد أثناء الليل مرحلة نوم عميق ومرحلة حركة العين السريع ومرحلة النمو الخفيف، وأثناء اليوم تتواصل هذه الدورات ولكن على مستوى أكبر من الإدراك والوعي حتى الحيوانات تمر بهذه المراحل من مراحل الراحة الأساسية وتجديد النشاط خلال اليوم والليلة.

 

إن الدورة الشهرية التي تتكرر كل 28 يوما عند المرأة يمكن أن تؤثر على عملية التعلم ففي النصف الأول من الدورة يكون هرمون الاستروجين موجودا وحده، وهو يعمل بشكل خاص على تنشيط خلايا العقل وزيادة الوعي الحسي وزيادة يقظة العقل، عندما يتدفق هذا الهرمون في العقل يشيع الشعور بالسعادة وزيادة الحماس والاعتزاز بالذات ولذلك يرى الباحثون أنه ربما يكون هذا الوقت هو الأمثل لتعلم الإناث.


5- إراحة العقل



لكي يحقق العقل أفضل مستوى للأداء والكفاءة يكون بحاجة للحصول على قسط من الراحة النفسية العميقة أي ذلك النوع من الراحة الذي تكون فيه منقطعا تماما عن العالم، إن التلاميذ الذين يعيشون في بيئات تعج بالضغوط والتوتر لا يحصلون على الأرجح على هذا النوع من الراحة، خاصة التلاميذ الذين يعيشون في أسر تسودها المشاحنات والنزاعات، أو الذين يعيشون في بيوت مزدحمة أو في مناطق يرتفع فيها معدل الجريمة والطلاق، كما أن وفاة شخص عزيز أو العنف أو سوء التغذية كلها تشكل عوامل خطورة على قدرات العقل، وتشير الأبحاث إلى أن وقت النوم كذلك يمكن أن يؤ ثر على ما تعلمه التلميذ في اليوم السابق وخاصة في المواد التي تتطلب تركيزا كبيرا، فعندما تقل فترة النوم أثناء الليل حتى بنسبة قليلة لا تتعدى الساعتين تقل قدرات التذكر في اليوم التالي، ويرى بعض الباحثين أن النوم الصحيح يمنح العقل وقتا لكي يجري قدرا من العناية والتنظيف بمعنى إعادة الترتيب والهيكلة وإزالة كل النفايات الذهنية ومعالجة الأفكار والأحداث العاطفية.


عندما تكون سعيدا أو حزينا أو مضغوطا أو خائفا أو في أي حالة عاطفية، يفرز جسمك العديد من المركبات الكيميائية في مجرى الدم لكي يساعدك على التعامل مع هذا الحدث الذي يثير فيك أي من هذه المشاعر، فأنت على سبيل مثال عندما تشعر بالخوف سوف يفرز جسمك الأدرنالين لكي يعدك للاستجابة للهجوم أو الانسحاب، عندما تتعرض للتهديد فان جسمك يفرز نسبة كبيرة من الكورتيزون مما يشحذ مهارات التفكير لديك بحيث تتصرف بشكل تلقائي فوري يساعدك على النجاة بحياتك، إن أولوية عقلك الأولى تتمثل دائما في إبقائك على قيد الحياة ولأن عقلنا يعمل بفعل المركبات الكيميائية فهو يتأثر بدرجة كبيرة بالتغيرات المزاجية التي تعترينا، فعندما يكون الشخص في حالة سيئة بعض الشيء تتراجع قدرة عقله في الفهم وإدراك المعنى والذاكرة وتضعف مهارات التفكير لديه.

 باختصار إن البيئة الدراسية التي يسودها الخوف سوف تعوق عملية التعلم بدرجة كبيرة، فالتلميذ يشعر في ظل هذه الظروف أنه مهدد أو قد يشعر بالعجز أو النقد أو افتقاد الأمان أو حتى قد تعتريه مشاعر اليأس وضعف الثقة بالنفس.


6 - المشاعر والعقل

 


إن التعلم ليس فقط وظيفة ذهنية كما يعتقد البعض بل إن مشاعرنا تؤثر على تعليمنا أيضا وسوف تهدد المشاعر السيئة التي نحاول تجاهلها كل محاولاتنا للتعلم أما المشاعر الطيبة فهي في المقابل سوف تخلق الحماس والشغف بالتعلم.

إن العقل يعمل على عدة مستويات في آن واحد، فهو يقوم بمعالجة عالم الألوان والحركة والمشاعر والأشكال والطباع والصوت والتذوق والوزن وما إلى غير ذلك، كما يقوم بفرز وتحليل كل تجارب الحياة اليومية من خلال عدد لا يحصى من الإشارات والعمليات و التفاعلات التي تقع بداخله. إن هذا العضو بكل هذه القدرات يكون متعطشا للتلقي داخل الفصل الدراسي، لكن التطور النمطي البطيء وطرق التعليم التقليدية هي ما يعوق عملية التعلم، أما البيئة النشطة التي تجتذب كل حواس التلميذ ويسودها الحب و الحماس و اللعب سواء من جانب المدرس أو زملاء الفصل فهي تساعد على إشباع شهية المخ الذي يلهث دائما وراء الحافز والمثير.


7 - عقولنا والتعليم القائم على الحفظ

 

مازال كثير من المدرسين يستخدمون النموذج القديم للتلقين حيث يقف المدرس ويتحدث بينما يدون التلاميذ كل ما يقوله المدرس في الذاكرة استعدادا للإختبار إن العقل ليس مصمما لهذه النوعية المتواضعة من التعلم أو الأساليب التقليدية الخاصة بحفظ ما في الكتب، إن التعلم عبارة عن عملية بصرية، سمعية، حركية إرادية وغير إرادية.

 فالعقل نادرا ما يصل إلى مستوى تحفيزي عال داخل الفصل الدراسي التقليدي، لكنه يعمل بالشكل الأمثل عندما يسير في عدة طرق و مسارات، في بيئة واقعية ثرية ممتعة، تثير لديه الرغبة و الحماسة في التعلم ولهذا فان أفضل فصل دراسي يحبه التلميذ و يستفيد منه كاملا هو ما يتعلمه أثناء رحلة مدرسية أو خرجة ميدانية، أو أثناء التحضير لحفلة مدرسية فهو يستطيع حفظ مسرحية من عشرات السطور أو رقصة من آلاف الحركات وقد يحل تمارين صعبة في الرياضيات أثناء مسابقة من أجل الظفر بالجائزة، إن المتعة و الإثارة في التعلم هي التي تعطي المردود الطيب، و النتائج المرجوة و تجعل منك أستاذا مميزا.


8 - خلاصة

 

الغرض من المفاهيم المطروحة في هذا الموضوع هو أن نمنحك قدرا من المعرفة عن العقل و تكوينه، فهو يختلف كلية عن الكمبيوتر، و يمكن تشبيهه بالغابة الكثيفة، فهو لا يملك مركز أوامر أو قائدا أو سلطة مطلقة، وإنما يملك مناطق متنامية من النباتات الفكرية إن صح القول، ويمكن تشجيع نموه في العديد من المجالات، للعقل أيضا فصوله و أنظمته الطفيلية ومجموعة متكاملة من العلاقات المركبة و المتداخلة، إنه جسم مركب و معقد و كلما استوعبنا هذا التعقيد أكثر كلما سهلت مهمتنا كآباء وأمهات و أساتذة و مربين و مربيات.


انضم إلى مجموعتنا على الفيسبوك ليصلك كل جديد

مواضيع مهمة
فنون التعليم

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة العبقري التعليمية